تاريخ التكنولوجيا (History of Technology)
تاريخ التكنولوجيا هو تاريخ الاختراعات التي قام بها الانسان، والتي بدأت بسيطة مثل اختراع أدوات الصيد، ومن ثم تطورت لتشمل تكنولوجيا المعلومات.
وقد كان تاريخ التكنولوجيا حافلاً بالإنجازات البشرية التي لا تعد ولا تحصى. وعلى مر العصور كان ظهور التكنولوجيا في العالم والتطور الذي أحدثته غير متوقع، وسريع بدرجة لا يمن التنبؤ بها.
وبما أن التكنولوجيا عبر التاريخ الانساني سهلت عملية تبادل الثقافات بين الدول والبلدان متجاوزةً كل المسافات، لذلك كان التطور كالوباء. وأصبح ينتقل من بلد لآخر بسرعة البرق، ويفتك بالمجالات المختلفة مسبباً زيادة الانتاج والفعالية في كل شيء تقريباً.
ونظراً لأن تكنولوجيا اليوم اجتاحت العالم في كل نطاقات الحياة، لذلك يمكن القول بأن تاريخ التكنولوجيا له ارتباط وثيق مع كل ما نشهده من اختراعات حديثة.
ولذلك، فإن الوعي بتاريخ التكنولوجيا هو ضرورة ملحة، ومهمة تقع على عاتقنا جميعاً.
تعريف التكنولوجيا عبر التاريخ (Definition of Technology)
لتاريخ التكنولوجيا أثر كبير في التطور الذي نعيشه اليوم، وقبل كل شيء فإن كلمة تكنولوجيا (Technology) تأتي من الكلمتين اليونانيتين:
- “Techne”: التي تعني الفن (Art)، الحرفة (Craft)، والمهارة (Skill).
- “_Logia”: التي تعني دراسة شيء ما.
وهذا يعني أنه من الممكن تعريف التكنولوجيا على أنها تطبيق المعرفة العلمية (من فن وحرفة ومهارة) على أهداف معينة في حياة الانسان لتغيير البيئة.
بدء التكنولوجيا (The start of Technology)
يمكن أن نعتبر أن انطلاقة التكنولوجيا التاريخية تمت خلال العصر الحجري، حيث قام الانسان في تلك الفترة من الزمن باختراع أولى أدواته وهي الأدوات الحجرية.
وقد كان الانسان كان يصنع من الأحجار السكاكين والمطارق ورؤوس الأسهم، وهي بداية الاختراعات البشرية.
بعبارة أخرى، يمكن اعتبار هذه الفترة بداية التفكير البشري بتوظيف القدرات في تحويل الموارد المتاحة لتكنولوجيا تسهل الحياة البشرية.
ظهور التكنولوجيا في العالم (The advent of technology in the world)
من السمات الأساسية التي تميز الانسان عن غيره من الكائنات هي قابلية التطور والتعلم التي يتسم بها العقل البشري.
ولذلك على مر العصور حاول البشر إيجاد وسائل لتحقيق غاياتهم في الحصول على احتياجاتهم الرئيسية.
وهنا برزت الحاجة الأساسية للتكنولوجيا، وحاجة الانسان لاستغلال قدراته في عملية الاختراع، وكان ذلك بهدف تسهيل الحياة البشرية وتحسين سبل العيش وخاصة بالنسبة للإنسان القديم.
ولذلك بدأت التكنولوجيا بالظهور من خلال اختراع الانسان لمختلف الأدوات التي ساعدته على تسهيل الحياة اليومية، وسوف نتحدث عن مراحل ظهور هذه التكنولوجيا وتطورها بالتفصيل.
تطور التكنولوجيا عبر التاريخ (technology development)
عندما نريد التحدث عن تاريخ ظهور التكنولوجيا، فمن غير المجدي التحدث عن التاريخ ككل، والسبب الأساسي هو اختلاف المجتمعات وقدرات الأشخاص والخبرات المعرفية لكل حقبة زمنية.
إذاً يمكننا تقسيم التاريخ من حيث التطور التكنولوجي إلى الجدول الزمني التالي:
·العصر الحجري لتاريخ التكنولوجيا (منذ 3.3 مليون سنة حتى 2500 قبل الميلاد)
دخلت المجتمعات القديمة العصر الحجري منذ حوالي 3.3 مليون سنة، وبقوا في هذه الفترة ما يقارب 99% من تاريخ البشرية، حيث حدثت أولى اختراعات البشرية خلال هذه الحقبة الزمنية.
في وقت لاحق، عمل العلماء على تقسيم العصر الحجري إلى ثلاث فترات هي: العصر الحجري القديم، العصر الحجري الأوسط، والعصر الحجري الحديث.
خلال العصر الحجري القديم (The Paleolithic) كانت أهم اختراعات البشرية هي الأدوات المصنوعة من الحجر والخشب والعظام.
بينما العصر الحجري الأوسط (The Mesolithic) فقد بدأ بانتهاء العصر الجليدي العالمي الأخير الذي أدى إلى تحسن الطقس وانتشار الزراعة.
هذا الأمر الذي حث الانسان على اختراع الابتكارات التكنولوجية التي تخدم الزراعة، وجني المحاصيل مثل السلال والفخار التي استخدمت لحمل البضائع.
أما من ناحية العصر الحجري الحديث (The Neolithic) فقد تابع البشر اختراع التقنيات التي تخدم الزراعة وتطويرها.
·العصر الحجري النحاسي ل تاريخ التكنولوجيا (من 2500 وحتى 2300 قبل الميلاد) (The Chalcolithic)
بعد تقدم البشر في المجتمعات الزراعية، فقد شغل التطور في المعادن حيزاً كبيراً من تطور التكنولوجيا، كما أصبح الانسان قادراً على إعادة تشكيل المعادن وتحويلها إلى أدوات مفيدة للاستعمال البشري.
وهنا بدأت العصور التي سماها المؤرخون العصور المعدنية، التي كان أولها العصر الحجري النحاسي.
وقد سمي بالعصر النحاسي لأنه في هذا العصر كان الاعتماد الأكبر للبشر على إعادة تشكيل المعادن وأهمها النحاس.
وبالتالي فقد شغل النحاس المرتبة الأولى في قائمة المعادن التي استخدمها البشر، ذلك لأنه كان مرن نسبياً مما سهل على الانسان عملية ثنيه.
ولذلك استخدم الانسان النحاس محاولاً تشكيل أدوات جديدة دون الحاجة لرفع درجة حرارته عالياً جداً.
وبذلك ساهم استخدام معدن النحاس بشكل أساسي في تسمية هذا العصر بالعصر النحاسي.
·العصر البرونزي لتاريخ التكنولوجيا (من 2300 وحتى 700 قبل الميلاد)
وفقاً لتسميته، وسع الانسان في هذا العصر معرفته بالمعادن وأصبح يستخدم البرونز، كما يعد هذا العصر ثاني العصور المعدنية.
حيث أسهم هذا المعدن بصناعات تكنولوجية كبيرة، كان منها ما هو إيجابي كصناعة الأدوات الزراعية المتطورة من المعادن.
وقد كان منها ما هو سلبي كصناعة السيوف والدروع التي كانت عنصراً فتاكاً في الحروب الكبيرة.
ولكن أهم اختراعات هذا العصر كانت اللغة المكتوبة مما أدى لتحسين التواصل البشري وتطوير الفلسفة والرياضيات.
·العصر الحديدي لتاريخ التكنولوجيا (من 700 وحتى 450 قبل الميلاد (The Iron age)
وهو آخر عصر من العصور المعدنية.
حيث أنه من خلال اكتشاف تقنيات صناعة الحديد فقد بدأ عصر جديد للإنسان، ولقد شهد هذا العصر تطوير الأسلحة والأدوات من خلال استغلال الحديد في الصناعات الجديدة.
·العصر الكلاسيكي لتاريخ التكنولوجيا (من 450 قبل الميلاد وحتى 450 بعد الميلاد)
بدأت فيه تشكيل الامبراطوريات الكبيرة، الأمر الذي زاد الحاجة للعمران والبناء، وكنتيجة فقد كانت أبرز الإنجازات التكنولوجية في هذا العصر هي إنجازات هندسية مثل بناء الطرق الواسعة، وقنوات الري والمياه.
·العصور الوسطى لتاريخ التكنولوجيا (من 450 وحتى 1400 ميلادي)
وعلى الرغم من تسميتها بالعصور المظلمة من قبل البعض، إلا أن هذه العصور شهدت نتاجاً تكنولوجياً هاماً، أهمها كان استخدام الحديد المطاوع في التصنيع، واختراع البارود.
حيث تم استخدام الحديد المطاوع في صناعة حدوات الخيول والساعات، في حين تم استخدام البارود لتصنيع الأسلحة النارية والمدافع.
·عصر النهضة لتاريخ التكنولوجيا (من 1400 حتى 1750 ميلادي) (The Renaissance)
أول عصور تاريخ البشرية الحديث، فهو العصر الذي أخذ أوروبا من جهل العصور الوسطى إلى النور، وبذلك كانت أهم إنجازات الإنسان في هذا العصر هي ابداعات جديدة في الرياضيات والفن والفلسفة.
وكنتيجة، فإن هذه الابداعات مازالت حتى اليوم أساساً يتم الرجوع إليه في الاختراعات التكنولوجية العظيمة التي تشهدها البشرية كل يوم.
·العصر الصناعي لتاريخ التكنولوجيا (من 1750 حتى 1950 ميلادي) (The Industrial Revolution)
وهو العصر الثاني من عصور تاريخ البشرية الحديث.
كذلك سميت هذه الفترة بالثورة الصناعية، وذلك في ظل تصاعد هائل في مستوى الصناعات والابتكارات التكنولوجية شهده العالم خلال هذه الفترة.
كما أن الأثر الأكبر لهذه الابتكارات شهدته الطاقة، وذلك لأن الطاقة الوحيدة التي كانت متاحة قبل العصر الصناعي هي طاقة الرياح والمياه.
وبذلك فقد شكل اكتشاف الطاقة البخارية نجاحاً مبهراً كان له تأثير كبير في تطوير الآلات ووسائل النقل عن طريق استخدام المحركات البخارية.
·عصر المعلومات (من 1950 ميلادي وحتى وقتنا الحالي)
هو العصر الأخير من عصور تاريخ التكنولوجيا، والذي ما زال مستمراً حتى الآن، ذلك لأن هذا العصر بدأ في القرن الماضي وما زال مستمراً حتى هذا القرن.
ولقد نُسب لهذا العصر عدة تسميات منها عصر الكمبيوتر، والعصر الرقمي، وعصر الوسائط الجديدة. إلا أن كل هذه التسميات تجتمع على عصر غير العالم باختراعات تكنولوجية شكلت قفزة نوعية في تاريخ التكنولوجيا الحديثة.
ومن ناحية أخرى فقد كان لهذا العصر إنجازات تكنولوجية لا تعد ولا تحصى، في مختلف المجالات العسكرية، الطبية، الترفيهية…
إلا أنها جميعها بدأت باختراع الحاسوب، الأمر الذي جعل الوصول إلى الانترنت عبارة عن كبسة زر.
وكنتيجة، عمل هذا الأمر على توسيع آفاقنا المعرفية وشجع على توظيف هذه الآفاق في اختراعات جديدة تم توظيفها لتصميم اختراعات جديدة أخرى وهكذا دواليك..
أثر تاريخ التكنولوجيا على حياة الانسان (The impact of technology on human life)
وبالطبع، فإن آثار التكنولوجيا على حياة الانسان ليست كلها إيجابية.
فكما ساعدت التكنولوجيا على مر التاريخ على نشأة الحضارات وتطور الاختراعات والارتقاء بالإنسان إلا أنها كانت المساهم الأول في الفتك بالإنسان.
وبالنتيجة، وبما أن آثارها السلبية والإيجابية لا تعد ولا تحصى، سنذكر أبرز الآثار على الناحيتين.
آثار التكنولوجيا الإيجابية على حياة الانسان:
- تسهيل التواصل وتقريب المسافات.
- دعم الصناعة بشكل كبير.
- الحفاظ على المخزون من الضياع، وذلك سواء على مستوى المعلومات أو المخزون المادي.
- تطوير أنظمة الإدارة.
- دعم مناهج جديدة للمجالات المختلفة وتطويرها بما يخدم البيئة.
- دعم عمليات التسويق والترويج لمختلف المنتجات عبر وسائل التكنولوجيا المختلفة.
- التطور الكبير على الصعيد الطبي، .
- توفير الوسائل الأمنية المتطورة.
- ويعد توفير الوقت والجهد البشري المستخدم في أداء العمليات من أهم النتائج الإيجابية للتكنولوجيا.
- كذلك عملت التكنولوجيا على توفير الرفاهية للإنسان عبر تطبيقاتها المختلفة.
آثار التكنولوجيا السلبية على حياة الانسان:
- الاعتماد على الآلة الذي حد من الفرص البشرية في أداء المهام والتوظيف.
- فرض التكنولوجيا الحديثة التكاليف الكبيرة على العاملين في المجالات الصناعية، الأمر الذي أدى إلى أن تكون الصناعة حكراً على أصحاب الأموال.
- اغلاق المتاجر الكبيرة الذي كان نتيجة للانتشار الأوسع والأسرع للمتاجر الالكترونية عبر الانترنت.
- كذلك تتطلب التكنولوجيا مراقبة مستمرة وتوظيف خبراء بشكل دائم لمراقبة سير العمليات التكنولوجية، وخاصة في حالة الاعتماد الكلي على الآلة، لأنه في هذه الحال فإن أي عطل سيؤدي إلى توقف كامل في سير العمليات.
- ومن ناحية أخرى، كان لاستحواذ التكنولوجيا الترفيهية على العقول البشرية أثر سلبي كبير على الاسان.
- والأسوأ من ذلك كله هو الاختراعات التكنولوجية السيئة عبر تاريخ التكنولوجيا، والتي سببت الأذية للبشرية مثل الأسلحة العسكرية الفتاكة.
عزيزي القارئ، في حال أعجبتك المقالة لا تنسى الاشتراك بقناتنا على يوتيوب التي توفر كل جديد في مجال الدورات التدريبية التقنية والمجانية بشكل كامل.
كذلك يمكنك تصفح الموقع الخاص بنا للوصول إلى المدونة وقراءة المزيد من المواضيع التقنية، أو التعرف على الدورات التدريبية التي يتيحها الموقع.